ترقبوا قناة الحزب الجديدة ... ترقبوا قناة الحزب الجديدة ... ترقبوا قناة الحزب الجديدة ... ترقبوا قناة الحزب الجديدة ...

«العقبة» الأردنية مدينة تسبح وسط «حيتان الإقليم»: محمد بن سلمان والسيسي ونتنياهو ضد اردوغان في مواجهة واحدة على شواطئ «البحر الأحمر» الرياض أبلغت الرئيس عباس بأنه «محظوظ» لأنه سيدير دولة على ممرين مائيين

بسام البدارين

 

 

عمان- «القدس العربي»: ليست مصادفة بالتأكيد تلك التي تدفع جهة ما في السعودية لتسريب الأنباء عن دور لمدينة العقبة الأردنية جنوبي البلاد في خريطة الاستثمارات السعودية المرسومة على شواطئ البحر الأحمر بعد إنجاز ظهور ملامح استجابات أردنية لطموحات تركية في التعاون الاقتصادي والاستثماري.
وليست مصادفة بصورة مرجحة أن يتزامن الحديث عن تلك الأعطية السعودية ضئيلة الحجم والمتأخرة جدًا مع إطلالة ولي العهد الشاب الأمير محمد بن سلمان القوية على المشهد المصري بالتراتب مع آخر محطة في القضاء المصري تحسم الاجتهاد وتقرر بأن جزيرتي «صنافر وتيران» تعود ملكيتهما فعلاً للسعودية.
الحديث المعلن أمس في بعض وسائل الإعلام الأردنية والسعودية عن منتجعات سياحية ستقام في مدينة العقبة ضمن خطة أوسع لمنتجعات البحر الأحمر أقرب سياسيا إلى إبرة تخدير للأردنيين الذين توقف تماماً رهانهم على مساعدة الشقيق السعودي، وخرجوا نفسياً وسياسياً من دائرة الترقب والانتظار من دون الافصاح والإعلان.
قبل أكثر من سنتين اجتهدت الحكومة الأردنية بتسارع عجيب لإنجاز وإتمام سلسلة من الإجراءات والتشريعات التي طلبها الأمير محمد بن سلمان شخصيًا عندما زار العقبة وعلى أساس أن مليارات من الاستثمارات السعودية ستمطر على جنوب الأردن تحت عنوان الاستثمار في مجالات الطاقة البديلة تحديدا وإنتاج الكهرباء خصوصاً من شمس العقبة المحاذية للسعودية. وطوال الوقت لم تذكر أي تفاصيل لها علاقة ببحث استثمار مشترك في مجال السياحة تحديداً. وفي الأثناء وللعام الثالث على التوالي أوقف الشقيق السعودي منحته النفطية المقررة أصلاً كما امتنع عن تقديم مساعدات سنوية كان يقدمها.
قيل للأردنيين في ذلك الوقت بأن الاستثمار المشترك سيكون في مشروعات بنية تحتية عملاقة ومن دون مساعدات وتحديدا في مجال الطاقة وطلب من عمان توفير إطار تشريعي يضمن الهجمة المتوقعة استثمارياً بتوقيع الرياض.
أسرعت حكومة الأردن في إنجاز التشريع القانوني المطلوب ولم تتخذ الرياض اي خطوة حتى نسي الطرفان الحديث عن مليارات تستثمر عن مليارات بديلة او حتى النووية قبل أن يعود الملك سلمان شخصيا لإعلان بعد استراتيجي في العلاقات مع الأردن انتهى هو الآخر على الرف إثر الخلاف الذي ظهر في ملف مدينة القدس خصوصًا وأن عمان بدأت تشعر بأن العهد السعودي الجديد يعزف على وتر مزاحمتها في ملفات القدس.
تمكنت لاحقاً الإدارة الأمريكية من تخفيض سقف الأردن في مسألة القدس وكبح جماح وطموحات السعودية في إحياء دور محتمل لها في رعاية القدس قبل ان تبدأ سلسلة من المعالجات بتوقيع وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون عنوانها الأساسي مصالحات سريعة بين الحلفاء والأصدقاء قبل إعلان خطة الرئيس ترامب الجديدة لحل الصراع في الشرق الأوسط باسم الحل الإقليمي او ما عرف إعلاميا بصفقة القرن.
اليوم تغير أيضاً الخطاب السعودي، فبدلًا من استثمارات في مجال الطاقة بالمليارات في مناطق محاذية للعقبة تعلن الأوساط السعودية استقطاب عروض لإقامة منتجعات وفنادق في العقبة التي تعج أصلاً بالفنادق والمنتجعات.
في كل حال لا يوجد في أوساط القرار الأردني من يشتري بعد الآن رواية الشقيق السعودي عن المساعدة عبر مشروعات مشتركة فقد قيل لعمان مباشرة وبوضوح إن السعودية توقفت عن دفع المال المباشر كمساعدات وللجميع في خطوة يشك الأردنيون علنا في ان تكون قد اتخذت عندما يتعلق الأمر بنظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
عليه ومِن باب التحليل السياسي يمكن القول إن عودة العزف المصري على أوتار ملف جزيرتي صنافر وتيران ووصول ولي العهد السعودي إلى مصر هما السبب المرجح والسياسي الوحيد لإلهاء الأردنيين وتخديرهم عبر زرع الوهم بأن لديهم حصة لها علاقة بمدينة العقبة تحديدا لكنها اليوم حصة في مرافق سياحية ووظائف لا أكثر ولا أقل.
العهد السعودي يريد التخلص من أي احتمالات لمناكفة مشروعاته مع مصر وهي مشروعات يقول كل الخبراء في الأردن إنها تفرض فكي كماشة على مدينة العقبة وحركة النقل البحري فيها خصوصاً إذا ما دخلت إسرائيل على خط ما بعد تسليم جزيرتي صنافر وتيران مع السعودي والمصري بحيث «يخرج الأردن من المولد بلا حمص».
تمتنع الحكومة الأردنية عن إعلان مخاوفها في هذا الشأن لكن التأشيرات الملغزة تكاثرت مؤخرا تحت وتيرة التسارع في ملف تيران وصنافر قبل ان يفبرك الإعلام السعودي المباشر فجأة قصة المنتجعات التي ستقام في العقبة برغم أن المدينة تورمت قبل نحو ثلاث سنوات وهي تتوهم بأن مليارات محمد بن سلمان الاستثمارية ستعيد انتاجها.
المشكلة في رأي العمق الأردني ستكون أكبر وأكثر حساسية اذا ما انضم الرئيس محمود عباس إلى الحفلة نفسها التي تخنق بالنتيجة وبصرف النظر عن النيات ميناء الأردنيين وشريانهم البحري الوحيد حيث يتداول صناع قرار وساسة أردنيون بكثافة تلك المعلومة المنقولة عن الرئيس محمود عباس شخصيا. وهي معلومة تقول: إن الأمير محمد بن سلمان ابتسم وهو يبلغ عباس في لقائهما الثاني بأن الحظ سيلعب معه قريبًا لأن دولة فلسطين ستحظى بمكانة نادرة جداً في العالم وستقام بين ممرين بحريين دوليين هما المتوسط والبحر الأحمر.
تلك لا تبدو مزحة مع ابتسامة سياسية لأن السيناريو المتعلق بإقامة الدولة الفلسطينية في قطاع غزة تجاوز مرحلة الإنكار والنفي. ولأن تكثيف الخطاب بثلاثية تيران وصنافر والعقبة والبحر الأحمر سلوك سياسي بامتياز بعيدا عن الرقم الاقتصادي من دون أن يسقط في حسابات العقبة الأردنية. إن الإعلام السعودي تحدث عن منتجعات ستقام في المدينة بعد أقل من ثلاثة أسابيع من تصريح لوزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي يرحب فيه ولأول مرة باتفاقية للتجارة الحرة مع تركيا.
هذه الاتفاقية تعني شيئاً واحداً فقط، وهو تبادل تجاري في مجال الشحن البحري تحديداً بين العقبة وموانئ إسطنبول… وعليه بالتأكيد ليست مصادفة أيضاً ان يبرز الطرح السعودي الذي يقترح فنادق ومنتجعات في العقبة تحديداً بعدما اقتربت تركيا إردوغان من إقناع الأردن بالتعاون في مجال النقل البحري وهو الأمر الذي لا يعجب بكل حال بنيامين نتنياهو.