ترقبوا قناة الحزب الجديدة ... ترقبوا قناة الحزب الجديدة ... ترقبوا قناة الحزب الجديدة ... ترقبوا قناة الحزب الجديدة ...

 هل يفعلها «سانتا كلوز» الأردني ويخلف الملقي؟… الصرايرة يرى محطته المقبلة… رئاسة الوزراء أصبح محور الاهتمام البيروقراطي بعد «التعديل» وواجبه الأهم «احتواء» احتجاج الكرك

عمان- «القدس العربي»: قد يجد الرجل الثاني في حكومة الرئيس هاني الملقي الأردنية المهندس جمال الصرايرة نفسه محاطًا في وضع معقد داخل توليفة وتركيبة الحكومة، باعتباره الرأس الأبرز فيها، بعد الرئيس مباشرة، فيما يطمح الرجل الثالث الدكتور جعفر حسان بالمزاحمة بقوة. ويبدو واضحاً أن نفوذ وتحكم الصرايرة في مسارات مؤسسة مجلس الوزراء ستزداد مساحته كلما غاب الرئيس سواء بسبب المرض او تلقي العلاج. وأن الصرايرة جلس في موقعه الحالي أصلاً لكي يضمن وجوده عدم وجود حاجة للتغيير الوزاري في وقت قريب.

لا يمكن معرفة ما الذي يمكن أن يضيفه للحكومة او لسجله الشخصي بيروقراطي سابق من النوع غير التقليدي مثل الصرايرة إلا إذا كانت مهمته الرئيسية العمل على منع التشبيك في احتجاجات الشارع بين مدينة السلط ومدينته الأم الكرك، حيث له دالة كبيرة في الأوساط الاجتماعية الكركية بحكم الأموال العريضة التي كان يقدمها لدعم المجتمع المحلي في الكرك وغيرها بعد اقتطاعها من شركة البوتاس التي ترأس مجلس إدارتها ست سنوات. فخلال عمله في تلك الشركة وصف الصرايرة بأنه «رجل الهدايا» والعمل الخيري للناس والفقراء، وكان بعض الأهالي يطلقون على الصرايرة لقب «سانتا كلوز»، وطوال السنوات الست على رأس هذه الشركة العملاقة تمكن الصرايرة من تحقيق شبكة كبيرة من العلاقات والاتصالات النافذة داخل أوساط المجتمع المحلي، عبر المساعدات التي كان يقدمها للمواطنين والجمعيات الخيرية والمنظمات الأهلية خصوصًا من غذاء ومدافئ وبطانيات وحتى مساعدات مالية.
بوضوح يمكن القول اليوم إن شبكة الصرايرة وهو في كل الأحوال يؤسس مسافة ملموسة بين خطابه وأدائه وبين الأبعاد السياسية بصفة عامة مطلوبة لتمرير الاصلاحات الاقتصادية الخشنة واحتواء الاحتجاجات في مدينة الكرك، الأمر الذي يجعله في مواجهة واختبار لا يستهان بهما. فالصرايرة الذي سيكون بحكم التراتبية القانونية رئيس الوزراء الفعلي أو المعلن في الواجهة، سبق أن أبلغ كل المقربين منه بأنه لن يعود إلى الحكومة بصفته وزيراً بأي حال من الأحوال وأنه لا يفكر بالعودة الا كرئيس وزراء. وعلى هذا الأساس رفض الصرايرة في اللقاء التشاوري الأول بينه وبين الملقي الالتحاق بالحكومة، لكن معادلته تغيرت عندما تدخلت فيما يبدو جهات عليا وطلبت منه القبول بما هو معروض عليه.
مميزات الصرايرة الاجتماعية ملموسة للجميع، فهو من الشخصيات الودودة وله ميول دينية ويتجاهل الزحام على المواقع والوظائف العليا طول الوقت، وله تجربة بيروقراطية، لكن لا يعبر بالعادة عن أي خلفية سياسية وبالتالي قد يشكل المواصفات المطلوبة في اي رئيس للوزراء مستقبلًا، لأن تجربة التمسك بالتكنوقراط والابتعاد عن الوزراء السياسيين لا تزال صامدة في الأردن.
لا يمكن مسبقاً معرفة الحدود التي يستطيع الصرايرة الوصول إليها في إنجاز مهمته المركزية، وهي احتواء الاعتراض الحاد على حكومة الملقي في أوساط أهل الكرك. ويزداد النجاح المحتمل في هذه المهمة غموضا مع تأكيد بعض الأوساط بأن الصرايرة حاول مساعدة الملقي مؤخرا في مواجهة الثقة البرلمانية عندما اجتمع ونواب محافظة الكرك متدخلا لمصلحة الحكومة، فكانت النتيجة سلبية، فمن بين جميع نواب المحافظة الذين تحدث معهم الصرايرة لمصلحة الملقي حصل الأخير على صوت واحد فقط. لكن الصرايرة ليس بكل الأحوال رمزًا «كركيًا» في الكرك نفسها، فهو من أبناء عمان العاصمة طوال الوقت، وله صلات اجتماعية واسعة خصوصا في أوساط الدبلوماسيين والأجانب. والأهم له اتصالات مع بعض المؤسسات السعودية يمكن أن تفيد في جذب استثمارات. لكن مركزية حضوره في المستوى العام مسألة حمّالة أوجه اليوم ليس لأسباب تتعلق بخبراته او قدراته الذاتية، لكن لأسباب تتعلق بان الولاية العامة للحكومة قاعدة موضوعة على الرف أصلاً. ولأن الحكومة هي في النتيجة لم تعد مهمة في ترسيم السياسات والبرامج والقرارات، وهو وضع سبق أن انتقده الصرايرة الذي يؤمن باستعادة مجلس الوزراء هيبة الولاية العامة.
لا يتوقع حصول تزاحم او منافسة من اي نوع بين الصرايرة صاحب الأقدمية كنائب لرئيس الوزراء، والنائب الثاني المثير للجدل الدكتور جعفر حسان مدير مكتب الملك، الذي تبرمج التعديل الوزاري الأخير على أساس وجوده في مطبخ الحكومة.
كلاهما؛ أي حسان والصرايرة يعمل في قطاع متباين ومختلف، فالأول سيدير لجنة الخدمات واللجنة السياسية في مجلس الوزراء، والثاني سيتولى الملف الاقتصادي، لكن النفوذ الذي يحظى به حسان في أوساط القرار قد يقلص هوامش المناورة أمام وزير ورجل الهدايا دائم الابتسام والبيروقراطي العصري خصوصا إذا ما أراد الصرايرة ان يتعامل مع وجوده حالياً كرجل ثان على أساس أنه محطة لتولي تشكيل الحكومة المقبلة.
النفوذ المعتاد عند شخصية حسان قد يصلح لمساعدة الصرايرة في تأسيس خلافته للملقي لكن تبديل حسان لأدواته في التعبير والتحالف قد يزيد بالمقابل من فرصته هو وإن كان بعض الخبراء العميقون يؤكدون أن المهارات التي يملكها الوزير حسان تصلح لرجل ظل او للرجل الثاني لكنها لا تصلح لرجل في الواجهة. الأهم أن الصرايرة يتقدم، وهو محاط بطموح شخصي، كلاعب وسط ظرف معقد في الوقت الذي صمدت فيه قواعد اللعبة التي تُعلي ولا تزال تُعلي من شأن التكنوقراط على حساب السياسيين.