ترقبوا قناة الحزب الجديدة ... ترقبوا قناة الحزب الجديدة ... ترقبوا قناة الحزب الجديدة ... ترقبوا قناة الحزب الجديدة ...

د. البراري يكتب: الأردن وضرورة التغيير..

كتب د. حسن البراري - حتى لا يكون الأردن كالمستجير من الرمضاء بالنار، عليه أن ينوع من خياراته في السياسة الخارجية التي باتت تحتاج إلى تغيير مقاربة (Paradigm Shift) على إثر الحلحلة الإستراتيجية التي عصفت بالمنطقة، فالإقليم لم يعد كما كان إذ تغيرت موازين القوى وكذلك القيم التي كانت تحكم حركة مختلف اللاعبين.

أسوق هذه المقدمة بعد نشر مركز أبحاث إسرائيلي (يديره دوري جولد المقرب جدا من نتنياهو) دراسةً تفيد بأن استقرار الأردن بات مهددًا بفعل التغيرات في سوريا، فالتحديات لم تعد فقط اقتصادية وإنما أمنية، وتستخلص الدراسة أن أي انهيار في المنظومة الأردنية سيفضي إلى مواجهة مباشرة بين إيران وإسرائيل.

وبعيدا عن موضوعية الدراسة وميل الأردنيين إلى القول بأن بلدهم هو الدولة الوحيدة التي حافظت على استقرارها في المنطقة منذ الخمسينيات عندما بشر بزوالها الكثيرون، فالماضي دليل الحاضر والمستقبل، ومشكلة هذا النمط من التفكير أنه لا يأخذ بالحسبان تراجع أهمية الشرق الأوسط لصالح منطقة شرق آسيا وبالتالي فإن التزام الدول الكبرى بالحفاظ على الوضع القائم سيكون أقل ما يفرض على الأردن تحديات من نوع مختلف وربما غير مألوف.

طبعا هناك مستويات لفهم استقرار الأردن، وربما يصدم بعضنا القول إن إسرائيل لعبت دورًا مهمًا في الحفاظ على استقرار الأردن منذ نهاية الخمسينيات عندما بعث بن جوريون برسالة إلى كيندي يقول فيها إن بقاء النظام الهاشمي في الأردن يصب في مصلحة إسرائيل، وبالفعل شكل موقف إسرائيل إزاء الأردن عاملا مهما في حسابات الدول والأنظمة والمنظمات التي استهدفت أمن واستقرار الأردن.

المستوى الآخر والأهم هو القيادة الأردنية ومهارتها الفائقة في خلق توازنات داخلية مكنت النظام من الاطمئنان للجبهة الداخلية وبالتالي التفرغ لإدارة توازنات خارجية بالغة الدقة والتعقيد، وتمكنت القيادة الأردنية من المساهمة في خلق نظام إقليمي يسمح لها بإبقاء رأسها فوق الماء وفي مناسبات عديدة لعب دورًا أكبر بكثير من الموارد المتاحة. فالانكشاف الإستراتيجي للإقليم كان من الممكن أن تكون كلفته باهظة على الأردن لولا فن القيادة والقدرة على اللعب على التناقضات واتباع سياسة خارجية مدفوعة بالرغبة في البقاء.

الراهن أن إقليما جديدا في المنطقة هو في قيد التشكيل، ويأتي هذا على أعقاب التغير في موازين القوى الإقليمية، وتراجع اهتمام أمريكا في المنطقة، وظهور لاعبين جدد أقل من دولة ومؤثرين ومعادين للأردن، وانهيار الدولة في المشرق العربي في معناها المستمد من سايكس بيكو، وهذا بدوره يفرض تحديات على الأردن تجعل من الاستمرار في نفس المقاربة وصفة فشل، فاقتراب إيران من الحدود الأردنية قد يدفع الأردن أكثر نحو إسرائيل، والأخيرة تريد – عندما يأتي الوقت المناسب – دفع على مساعدة إسرائيل في التعامل مع المخرجات الديمجرافية للصراع، وهذا هو جوهر فكرة الخيار الأردني ومكان الأردن في التفكير الإستراتيجي لإسرائيل، وأي خروج للأردن عن هذا الدور سيدفع إسرائيل للبحث عن خيارات أخرى ليست في صالح الأردن.

مشكلة النخب الحاكمة في الأردن التقليدية منها والليبرالية المرتبطة مع واشنطن أنها لا تفكر خارج الصندوق، فيمكن طبعا تفهم اعتماد الأردن على واشنطن في خضم إدارة العرب ظهورهم للأردن في أكثر من مناسبة، والحق أنه لا توجد أي دولة عربية يمكن الاعتماد عليها عندما تحين لحظة الحقيقة. لكن الرهان على علاقة مع إسرائيل ستكون له عواقب وخيمة إن أخفقت النخب الحاكمة في خلق خيارات جديدة في السياسة الخارجية.