ترقبوا قناة الحزب الجديدة ... ترقبوا قناة الحزب الجديدة ... ترقبوا قناة الحزب الجديدة ... ترقبوا قناة الحزب الجديدة ...

شبكة بيروقراطية وخريطة جديدة في الأردن… ارتجال وعشوائية في «الفك والتركيب» وتنقلات بالجملة تثير تساؤلات في الشارع تحت وطأة «الأزمة المالية»... صداع سياسي وشعبي مزمن بعد التخلص من العلي والروابده والزبن

بسام البدارين 2/5/2018

عمان- «القدس العربي»: ينقل وزير المالية الأردني عمر ملحس مهندس الميزانيات في كادر وزارته حسام ابو علي قصداً إلى إدارة لمؤسسة المعنية بالضريبة قبل نحو شهر ونصف الشهر. ويوافق الوزير في الوقت نفسه على نقل الامين العام للوزارة وهو الخبير الاستثنائي الثاني في الادارة المالية لخزينة الدولة عز الدين كناكريه من موقعه في الظل كأمين عام للوزارة إلى موقع جديد في ادارة مؤسسة الضمان الاجتماعي.
كناكريه وهو بيروقراطي يعتد به ومن أركان وزارة المالية قد يشتبك مع مغادرة الصمت والظل فهو يتولى إدارة فنية لمؤسسة تنتج «الصداع السياسي والشعبي» اليوم بسبب الفيروس السياسي الذي ولد وانتقل وانتشر من لا مكان بعنوان «نوايا الحكومة في الاعتداء على أموال فقراء الأردنيين في مؤسسة الضمان الاجتماعي». ومن المرجح ان الصداع نفسه قد يلازم بيروقراطياً عنيداً وشرساً وخبيراً يعرفه كل المسؤولين من وزن المستشار المالي ابو علي فهو اليوم على رأس الذراع الرسمية الذي سيتولى تنفيذ مهمة التصور الجديد الذي قررته الدولة الأردنية بخصوص ملف الضريبة.
مسالة الضريبة قد لا تكون سياسية بقدر ما هي مسألة تخص سيادة القانون… هذا ما تفهمه «القدس العربي» من وزير الاتصال الناطق الرسمي الدكتور محمد المومني وهو يشرح المعادلة الجديدة في مسألة الاستحقاق القانوني المتعلقة ليس فقط بتعديل وشيك لقانون الضريبة ولكن بفكرة البعد القانوني للضريبة باعتبارها واجباً ومسؤولية وطنية تطال المسؤول قبل المواطن.
لولا الأزمة المالية التي تمر بها الخزينة لما أقرت شبكة البيروقراط او ما تبقى منها بوجود حاجة لتحصين وتعديل تشريعات الضريبة او بوجود ضرورة وطنية لمعالجة مشكلات كانت قد تخلت عن معالجتها في الماضي وبسبب بعض البحبوحة المالية حكومات متعددة من بينها كفاءة التحصيل الضريبي وحجم التهرب من دفع الضريبة.
بوضوح شديد يمكن القول سياسياً اليوم بأن الأردن بصدد مشهد ضريبي جديد لم يألفه سابقاً قد يدخل في حيز الاستحقاق دون التمكن من استنتاج قراءات محددة بعد إقرار القانون الجديد للضريبة في دورة استثنائية مرجحة للبرلمان في شهر حزيران المقبل. ويكثف الخطاب الرسمي الأردني جرعات التحدث عن معادلة الضريبة وتصعيدها باعتبارها واجباً وطنياً وقانونياً.
لكن هذا الخطاب لم يترافق بعد مع الجملة التي يسعى كثيرون في الطبقة الوسطى تحديداً لالتقاطها من الحكومة. وهي تلك المتعلقة بتطوير وتنويع الخدمة الاجتماعية الإدارية ونمط الرفاه الاجتماعي مقابل الالتزام الضريبي. وبكل حال تقصد الوزير ملحس ان ينتقل بيروقراطي مختص إلى ادارة الجهاز الضريبي استعداداً للمرحلة المقبلة فيما استطاع المجازفة بالتخلص من خبير بحجم الدكتور كناكريه لصالح اتجاهات في تنويع الرموز البيروقراطية في الطاقم المالي تقررت عبر رئيس الطاقم الاقتصادي الوزاري الدكتور جعفر حسان.
يعتقد في السياق النخبوي هنا بأن الوزيرين ملحس وحسان وبالرغم من حصول خلل في كيمياء التواصل بينهما مؤخرًا تقاسما لعبة الوضع المالي الجديد على المستوى التنفيذي فالأول تكفل بالتصعيد الضريبي وبشراسة والثاني يبحث عن طريقة للاستفادة من اموال واستثمارات الضمان الاجتماعي فيما سمي بتحفيز النمو الاقتصادي. وحتى ينجح حسان كان لا بد من التخلص من بيروقراطية مقاتلة في ادارة صندوق استثمار الضمان الاجتماعي وهي وزيرة التخطيط السابقة سهير العلي التي انتهى عقدها ولم يجدد كما حصل مع مديرة الضمان الاجتماعي السابقة نادية الروابدة عندما بلغت سن التقاعد.
بدا للجميع ان اقصاء الروابدة وعدم منح العلي الاستثناء اللازم للبقاء رغم عدم وجود ملاحظات سلبية على ادائهما نتيجة للقاعدة التي حشر في وسطها رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي خياراته في النخب البيروقراطية عندما اعتبر أن الالتزام بسن التقاعد القانوني وهو 55 عاماً للمرأة و20 عاماً للرجل احد انماط الاصلاح الجديد. تلك خطوة كلفت بطبيعة الحال الحكومة خبرات بيروقراطية متوافق عليها ولا ملاحظات سلبية على ادائها كما اربكت مسؤولي الصف الثاني واضطرت الوزيرين ملحس وحسان للعبة التقاسم والتدوير والتداول قبل ان تضطر الحكومة بحكم عدم وجود خيارات بديلة إلى عملية نقل لنخبة من كبار الموظفين بعيدا عن التخصصات التي ابدعوا فيها.
في كل الأحوال يمكن بناء استنتاج متسرع بعنوان « القرار العشوائي والارتباك الاداري الذي تطلب تنقلات غير مفهومة في قيادات الصف الثاني حيث ان خطة الإصلاح الخشن تقاس تماماً وبصورة حصرية اليوم على اساس التحصيل المالي والواردات.
وبدأت بسبب الارتجال الاداري مرةً، ومرة أخرى لغياب الانسجام عن الفريق الاقتصادي بإنتاج حالة ضبابية غير مفهومة خصوصًا في الجزء المتعلق بالإدارة المالية وبناء على ذهنية المحاسب وليس الفكر الاقتصادي او المالي لأن الحكومة تعلم مسبقاً احتمالات ونسب النجاح في استقطاب الاستثمار.
التنقلات نفسها أطاحت مدير المواصفات والمقاييس صاحب السمعة «الشعبوية» الكبيرة وبعد انتقادات علنية ويومية من جهته لوزيره في العمل المعني بالتجارة والصناعة يعرب القضاة. يحصل كل ذلك وتبرز مثل هذه التنقلات والاحالات على التقاعد في الوقت الذي تتقدم فيه المزيد من الادلة على ان خطة الاصلاح الاقتصادي الخشن ماضية لا ريب فيها ومستمرة بصرف النظر عن تداعياتها ونتائجها الاجتماعية والامنية.
السيئ جداً في هذا السياق تحديداً هو ان خطة الإصلاح الاقتصادي الخشن أصبحت بمثابة الخيار الاستراتيجي اليتيم للدولة .. ذلك مأزق سياسي واستراتيجي لا يمكن تجاهله اليوم وقد تكون له علاقة بالتنقلات الأخيرة في بعض المناصب البيروقراطية العليا والتي لا يمكن وصفها بأنها مفهومة.